أولا - مفهوم الأرطوفونيا
ثانيا - تاريخ وأصول الأرطوفونيا .
ثالثا - تخصصات الأرطوفونيا .
رابعا -عالقة الأرطوفونيا بالعلوم األخرى.
مفهوم الأرطوفونيا
هي تعريب للكلمة الفرنسية - أورتوفوني - التي تنقسم إلى جزأين
( rééducation )وتعني إعادة التربيةortho.
( voix )وتعني صوتPhonie.
فهي لغة إعادة تربية الصوت.
أما إصطلاحا فهي الدراسة العلمية للإتصال اللغوي وغير اللغوي بمختلف أشكاله العادية والمرضية
لدى الطفل والراشد، تهدف إلى تشخيص اضطرابات الصوت و الكلام واللغة الشفوية والمكتوبة
علاجها من خلال إعادة التربية و التصحيح باستخدام أساليب ووسائل متخصصة و بمساعدة
أخصائيين في الطب، علم النفس، علم الإجتماع و اللسانيات فهي علم متعدد الإختصاصات، كما
تهتم بكيفية اكتساب اللغة والعوامل المتدخلة في ذلك وتلعب دورا في التنبؤ والوقاية من
االضطرابات اللغوية.
تاريخ وأصول الأرطوفونيا:
لقد بدأت الأرطفونيا في الظهور والنمو في العالم في نفس الوقت الذي بدأت فيه أول الأبحاث الهامة الخاصة بميدان الطب وعلم النفس و لقد عرفت نجاحا كبيرا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ويرجع مصطلح أرطفونيا إلى سنة 1829 عندما فتح الدكتور كولومبا المعهد الأرطوفوني بباريس وكان يهدف إلى معالجة عيوب الكالم، وفي سنة 1926 طلب الدكتور -فو- وهو جراح بمستشفى الأطفال المعوقين من الأستاذة سوزان بورال ميسوني التكفل بالأطفال الذين تجرى لهم جراحة بخصوص الإنقسام الحنكي أو شق الحلق حيث كانت نتائج التكفل حسنة مما جعل- فو - يرسل لها حاالت أخرى. وتعد بورال ميزوني )1911/1995 )أول من أسست الأرطوفونيا الحديثة كانت تلميذة أبي روسلو ) مؤسس الصوتيات التجريبية، حاصلة على ليسانس تعليم تخصصت في الصوتيات وعملت كرئيسة قسم الأرطوفونيا في مستشفى سان فانسون دي بول، كما عملت بالمستشفى الخاص الأطفال المرضى في باريس من 1926/1961 ،كما كانت المكلفة الأولى بقسم الأرطوفونيا بمستشفى هنري روسل بباريس من 1946/1974 . لقد صممت بورال ميزوني العديد من الإختبار في اللغة وعدد من الوسائل البيداغوجية في مجال تعلم القراءة والكتابة والحساب، كما اخترعت طريقة صوتية و إشارية من أجل إعادة تربية اضطرابات الكلام واللغة، ثم وسعت مجال نشاطها فأصبحت تتكفل بالنطق الكلام عند الأطفال غير المصابين بشق الحلق واتجهت خاصة نحو ميدان تربية الأطفال الصم. بعد الحرب العالمية 2 وبفضل جهود -جون دي أجيريا جيرا- أصبحت مصلحة مستشفى روسل متخصصة أساسا في التكفل بالحالات العصبية و حالات عسر القراءة، وفي 1959 أسست بورال النقابة الوطنية للأرطوفونيين ،ولقد أغنت هذه الباحثة المكتبات بمقالاتها المتنوعة والتي ظهرت في الصحافة العلمية الطبية الفرنسية والعربية. وبقيت الأبحاث والمساهمات المختلفة والمتنوعة من طرف الباحثين إلى سنة 1963 حيث تخرجت أول دفعة بشهادة دراسة في الأرطوفونيا ، وفي سنة 1964 صدر قانون 11 جويلية ليعطي للأرطوفونيا وضعها القانوني فأصبح بالإمكان تحضير دبلوم دولة في الكفاءة الأرطوفونية . و نلاحظ أن الأرطوفونيا في الدول الأوروبية تابعة للقطاع الصحي سواء الطبي أو الشبه طبي متأثرا بمؤسسيه و الأبحاث الأولى التي أجريت حيث أن معظم الباحثين في الأرطوفونيا هم لسانيون أو أطباء، و بصفة عامة فقد عرفت الأرطوفونيا أشواطا مختلفة في جميع أنحاء العالم، نظرا لكون الحاجة إليها ماسة و نظرا للإنتشار الكبير لإضطرابات اللغة، و الوقاية منها أصبح ضروريا خاصة وأن التكفل بالمصابين يصبح صعبا وطويل المدى في حالة عدم التشخيص المبكر و الدقيق. بدأت الأرطوفونيا في الجزائر منذ سنة 1973 و المحاولات الأولى أثبتت أن هناك تبعية للنظام المتبع في فرنسا الذي ظهر في الخمسينات بفضل الباحثة -بورال ميسوني- وظهر أن هناك فشل في هذه التبعية نظرا لعدم وجود مختصين جزائريين قادرين على إتباع نفس الطرق حيث إلى هذا التاريخ لم يكن موجود أي أستاذ جامعي في الأرطوفونيا يستطيع أن يدرس هذا الإختصاص للطلبة
وعمل المختصون في علم النفس على دفع الجهات المعنية لتكوين مختصين حاملين لشهادة
ليسانس عوض دبلوم ولم يلبى هذا الطلب إال في عام 1987 وبقيت الأرطوفونيا تابعة لعلم النفس
فهي لم تعرف إستقلاليتها والبرنامج لم يغير ولم يكن خاليا من النقائص خاصة فيما يخص
الوسائل والتربصات لأن الأرطوفونيا تتفرد في تقنياتها و الإختبارات التي تطبقها ولم يكن تكوين
المختصين الأرطوفونيين كاملا بالرغم من الجهود التي كانت تبذل للوصول إلى ذلك خاصة من
طرف الدكتورة -زلال نصيرة- التي يعود إليها الفضل الكبير في إعطاء الأرطوفونيا فرصة البروز
في التكوين و الدفاع عن الأرطوفونيا خاصة في ميدان العمل، نظرا لعدم وجود معرفة شاملة بهذا
االختصاص من طرف المعنيين وحتى العائلات و الأولياء .
ساهمت -نصيرة زلال - في تثبيت مجال الأرطوفونيا كعلم قائم بذاته من خلال المؤتمرات العلمية
الدولية بالإضافة إلى المراجع و المقالات التي نشرت من طرف الباحثة كما ساعدت مشاريع البحث
في الأرطوفونيا على ظهور الجمعية الجزائرية للأرطوفونيا ، أما تكوين الأرطوفونيين في الجزائر فهي
تابعة لأقسام علم النفس وعلوم التربية والأرطوفونيا و تدرس في الجزائر العاصمة ووهران و سطيف و البليدة منذ السنة الثانية جامعي و تسلم شهادة الليسانس في الأرطوفونيا بعد3 سنوات فهي تدرس كمقياس سداسي لكافة طلبة سنة أولى علوم اجتماعية ويكون التخصص في
السنة الثانية.
تخصصات الأرطوفونيا
توجد أربع اختصاصات في الأرطوفونيا وهيعلم النفس العصبي
يتم فيه معرفة الجهاز العصبي ومختلف الإصابات التي تستهدفه وتأثيرها على لغة الشخص، فإصابة الفص الجبهي مثلا يؤثر على منطقة بروكا المسؤولة عن
اللغة، وإصابة الجهاز اللمبي يؤثر على الذاكرة الضرورية لإنتاج و فهم اللغة
إضطرابات النطق و اللغة
و نعني بها دراسة اضطرابات النطق واللغة بنوعيها المنطوقة والمكتوبة ومن أهم الإضطرابات التي
تدرس في هذا
التخصص: عسر القراءة والكتابة، تأخر الكلام وتأخر اللغة واضطرابات النطق.
الصمم
يهتم بدراسة حاالت فقدان السمع الثقيل والخفيف كما يعمل على تشخيص حالات اضطرابات السمع والتكفل بها مبكرا عن طريق الزرع القوقعي أو تعليم القراءة الشفوية أو لغة الإشاراتفحص الأصوات
يلم هذا التخصص بدراسة الصوت وأحواله واضطراباته والتكفل بإعادة تربية المرضى الذين تعرضوا للإصابات والعلل في أصواتهم ومن أهم الأمراض التي يلم بها أصحاب هذا التخصص يوجد مرض عسر الصوت وحالة فقدان الصوتالأرطفونيا و علم النفس |
علاقة الأرطوفونيا بالعلوم الأخرى
كما قلنا سابقا فإن الأرطوفونيا هي علم يعتمد على علوم متعددة وذلك من خلال علاقتها الوطيدة بـالطب: هو ضروري جدا يكاد يتدخل في كل االضطرابات، حيث نجد الأرطوفونيا في بعض الدول فرع شبه طبي أي أنها ضمن الفروع الملحقة بالطب، لذا فعلى الارطوفوني أن يتعرف على جميع الاعضاء التي تسبب الإضطراب اللغوي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة فمثلا : -الحبسة- علينا أن نلم بمناطق الدماغ وكذلك في الصمم على الأخصائي الأرطوفوني أن يتعرف على أجزاء الأذن ودور كل واحدة منها و كذلك االضطرابات الصوتية لابد أن نتعرف على الحنجرة، أما فيما يخص اضطرابات النطق فمعرفة وضعيات اللسان الصحيحة عند نطق الحروف شيء لابد منه، وتأخذ الأرطوفونيا الكثير من العلوم الطبية فعلم التشريح يقدم المعلومات الكافية عن جهاز النطق المتكون من الرئة وباقي أعضاء التنفس والحنجرة والتجويف الفمي و الأنفي جهاز السمع، الأذن الخارجية الوسطى و الداخلية( والجهاز العصبي بمختلف أجزائه و علم وظائف الاعضاء يقدم معلومات وافية عن آليات عمل هذه الاجهزة ، والطب العقلي يعطي معلومات عن مختلف الامراض العصبية و حالات اللغة فيها، وطب الاذن و الانف و الحنجرة يوفر معلومات هامة جدا عن السمع واختالالته والصوت و اضطراباته
علم النفس
في الجزائر الأرطوفونيا هي فرع من فروع علم النفس فهي تعتمد في كثير من الأحيان على علم النفس ومعطياته سواء كان ذلك على مستوى التنظير أي الجديد من النظريات و الأفكار ( أو على مستوى التطبيق )أدوات البحث وطرق الكفالة والعالج( هذا من جهة ومن جهة أخرى يجب أن لا ننسى أننا نتعامل مع أناس يعانون من اضطرابات لغوية وكل حالة تتفرد بنفسها فكل معاق أو مريض ينفرد بشخصية و سمات معينة تميزه عن مريض آخر و بالتالي تكون الكفالة مختلفة أيضا بالرغم من وجود نفس الإضطرابات عند فردين مختلفين وهذا يرجع إلى الفروقات الفردية أولا ، الوسط الذي يعيش فيه ثانيا، ثم إلى درجة وعي الأباء بهذا الإضطراب ثالثا. لذلك فنحن لا نستطيع أن نتبع التعليمات أو نطبق التقنيات ميكانيكيا، حيث لابد من أن نأخذ بعين الإعتبار حالات المريض النفسية التي تكون متفاوتة من يوم إلى آخر، و كذلك الأرطوفوني لابد أن يكون على اتصال دائم بأخصائي نفساني لأنه قبل أن يبدأ بإعادة تربية الإضطرابات لابد من الميزانية النفسية التي ترافق الفحوصات الطبية بالملف الخاص بالمريض.علم الإجتماع
يلعب الوسط الذي يعيش فيه الفرد دورا كبيرا في إعطائه النمو السليم بحيث أن التربية ونوع المعيشة الذي يتبعه الأباء لتنشئة الأولاد يعمل إما سلبا أو إيجابا في تكوينه بالإضافة إلى أن طلب المساعدة الأولى يقدمه لنا الأباء إذا كانوا على وعي، فقد يساعدان المختص الأرطوفوني على التشخيص المبكر للإضطرابات وكل المعلومات التي نحتاج إليها، فلكي يمارس الأرطوفوني وظيفته على أحسن وجه يحتاج إلى معرفة دقيقة بالوسط االجتماعي والثقافي و الإقتصادي للمريض و على ضوئها يحدد إستراتيجيةالتكفل كما يستعين بالعائلة والمدر سة و هما مؤسستين اجتماعيتين لتطبيق الكفالة الأرطوفونية ، أي أنهما يساهمان في علاج الطفل.